الثلاثاء، 29 مارس 2011

عزيزى المواطن " إنها الثورة المضادة "


كم يحزننى و يسوؤنى ما أسمعه من بعض أصدقائنا " المنفسنين " من الثورة ( إما جهلا أو عمدا ) ؛ فعندما أسمعهم يرددون على مسامعنا كلاما يشوه ثورتنا و يسيئ الى شهدائنا تجتاحنى موجة من الغضب و الحزن ، و أقسم بالله أن حزنى عليهم و ليس منهم و خاصة من يقول هذا الكلام جهلا منه  بالحقيقة ، فأنا قد أعذر الجاهل لكن المتعمد لا عذر له عندى ...
و إلى من يجهل الحقائق أوجه حديثى هذا ، أما من يتعمد تزييف الحقائق فلا طائل من الحديث معه ، فهو قد حسم خياراته و قرر مناصرة الباطل الذى يعلم أنه باطل لكنه يؤثر مصالحه الخاصة الضيقة على مصالح الشعب و الوطن ...


الثورة يا اخوانى هى ظاهرة اجتماعية قديمة قدم الإنسان ، فكل العصور القديمة و الحديثة قد شهدت العديد من الثورات التى إرتبطت دائما بانتشار الظلم و الاستبداد فى مجتمع ما ، فيؤدى ذلك الى اقدام الناس على الانفجار المتمثل فى الثورة ، و هذا ينطبق على ما حدث عندنا فى مصر ، فعلى مدار العقود السابقة كان النظام فى مصر هو الراعى الرسمى للفساد و الافساد حتى ساءت الأوضاع فى كل المجالات ، و لا يستطيع أحد اليوم أن ينكر جرائم هذا النظام التى أوصلتنا لما نحن فيه الآن ، و بناءا على ذلك يمكن أن نتفق جميعا على فساد و استبداد و ظلم النظام السابق و لذلك كانت الثورة حتمية و طبيعية جدا ، بل إن الغير طبيعى كان هو تحمل الشعب هذا النظام لسنوات طويلة دون أن يثور ، حتى أوهم هذا التحمل البعض - فى الداخل و الخارج - بان الشعب المصرى عاجز عن الثورة و أننا أقرب للأغنام التى تساق بالعصا !!! و عندما ثار الشعب أطل علينا هؤلاء مدعين أن من ثاروا ليسوا أناس عاديون بل هم عملاء و خونة تحركهم أجهزة الاستخبارات المعادية لمصر !!! 
و كم تعجبت لهذا الكلام الفارغ و الذى مازال بعضهم يكرره حتى الآن !!! فالحقيقة  أنه لا يوجد جهاز استخبارات مهما كانت قوته يستطيع أن يجند الملايين من المواطنين و يتحكم فى مسار ثورة شعبية عارمة " بحجم ثورة 25 يناير " ثم يقوم هذا الجهاز المفترض باستنساخ تلك الثورة فى أكثر من بلد عربى آخر !!! ان أقصى ما يستطيع أى جهاز استخبارات أن يفعله فى تلك الحالة هو التجسس و محاولة الاختراق أما أن يحرك ملايين المتظاهرين و يدفع بالأحداث فى الاتجاه الذى يريده فهذا اقرب للخيال العلمى !!! إن من يتحدث عن المؤامرة الغربية و خطط الغرب للإطاحة بالأنظمة العربية يتجاهل أن تلك الأنظمة قد دأبت على طاعة السادة فى واشنطن و حلفائها و قدمت لهم كل التنازلات الممكنة و الغير ممكنة ؛ فلماذا بالله عليكم تسعى تلك الدول للاطاحة بتلك الأنظمة الوفية المخلصة لهم ؟؟؟ 
ويمكن أن نتأكد من ذلك لو عدنا للوراء قليلا و راجعنا ردود أفعال و تصريحات حكام واشنطن و حلفائهم حيال ما يحدث فى مصر ، و سنجد أن الخطاب الرسمى للولايات المتحدة كان فى البداية داعما لمبارك و نظامه ، و لكن حين تأكد لهم أن الأمور قد خرجت عن سيطرة النظام فما كان منهم إلا أن ضحوا بمبارك حفاظا منهم على مصالحهم و سعيا لإحداث تغييرات فى الوجوه و بقاء السياسات كما هى ، و أيضا لتفويت الفرصة على تجذر و نضوج التغيير الذى قد يقود فى مرحلة ما إلى وصول نظام "معادى للغرب و الكيان الصهيونى" للسلطة  ، و على نفس النهج كانت سياساتهم تجاه باقى الثورات العربية ، و فى ظل هذا التخبط و التقلب فى المواقف و التضارب فى التصريحات لا يمكن الحديث عن تحكمهم فى مسار الاحداث فى مصر و باقى الدول العربية التى اجتاحتها رياح التغيير ...


إن لكل ثورة شعبية أعداء ممن استفادوا بشكل شخصى من الأوضاع السابقة للثورة ، لذلك فهم معنيين ببقاء النظام و سياساته ، و التاريخ يخبرنا بأن هؤلاء دائما ما يشنوا ثورة مضادة يكون الهدف منها إفشال الثورة الشعبية ، و بلا أدنى شك فإن هذا ينطبق على الوضع الحالى فى مصر ، فعلى مدار الاسابيع الماضية شن البعض من أعداء الثورة حملات منظمة للتشويه و التشكيك فى بعض الشخصيات التى شاركت فى الثورة ، وقاموا بالترويج للإشاعات و نشر الفوضى الامنية و التحريض على الاعتصامات الفئوية و اللعب على الوتر الطائفى ؛ و غير ذلك من تكتيكات الثورة المضادة ،،، و كان الهدف هو إنهاك الثورة الشعبية و إجهادها عن طريق تشتيت الجهود و إفشال الحكومة الحالية ، ثم تأتى بعد ذلك الخطوة الثانية و هى إجهاض الثورة الشعبية و إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير ، مع إحداث بعض التغييرات الشكلية ؛ فيعود الحزب الوطنى و أمن الدولة و لكن تحت مسميات جديدة ، و يتم تصعيد فرعون آخر يسير على نهج مبارك ...
و لكننى مع كل ذلك لا أخشى على الثورة و لدى من المؤشرات ما تجعلنى متيقنا أن الثورة المضادة ستفشل ، و لن تعود مصر إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير ...



فى النهاية أناشد الجميع أن يتخلوا عن أحكامهم المسبقة المبنية على التأثر ببعض الآراء و الإتهامات المسمومة ، و حكموا عقولكم و إبحثوا عن الحقائق فى مصادرها الموضوعية ، و أناشدكم بالله ألا تسلموا أدمغتكم لكائن من كان ، و دققوا فى مصداقية من تسمعون له ، و راجعوا على الانترنت مواقف هؤلاء و تصريحاتهم قبل و بعد 25 يناير ، حتى لا تكونوا جنودا فى مخطط إجهاد الثورة ثم إجهاضها - لا قدر الله - و هذا من دون أن تعوا ذلك ...
أتمنى ألا يأتى اليوم الذى تندمون فيه على مواقفكم و آرائكم الحالية ، و أتمنى ألا يقف أحدكم يوما أمام إبن له يسأله " لماذا أسأت الى من ضحوا بحياتهم من أجلنا ؟؟؟ "  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق