الاثنين، 4 أبريل 2011

الحــــرية لســـــوريا




بدأ إهتمامى بالشأن السورى منذ فترة طويلة ؛ فسوريا بالنسبة لكل مصرى هى الشقيقة المتحالفة مع مصر فى كل العهود و الشعب السورى هو من أقرب الشعوب العربية لنا ، لذلك كنت دائما أتابع الأوضاع السياسية فى سوريا و أتابع أيضا المبدعين السوريين فى شتى مجالات الفن و الثقافة ...



و إذا نظرنا إلى النهج السياسى الخارجى لسوريا على مدار العشر سنوات الأخيرة ، سنجد أن النظام السورى قد اختار دعم حركات المقاومة ( حزب الله و حماس ) سياسيا و عسكريا إلى حد ما ، و خلال تلك الفترة وثقت سوريا علاقاتها مع إيران و عارضت بشكل علنى محاولات الهيمنة الأمريكية و الحرب على العراق و دعمت المقاومة العراقية فى السر و العلن ، كل ذلك يحظى باحترام شرائح واسعة من الشعوب العربية - و إن كان هناك بعض علامات الاستفهام - و لذلك فقد طغت - بالنسبة لغير السوريين - مواقف سوريا الخارجية على أخبار النظام السورى داخليا ، حتى ان بعض الشعوب العربية لم تعر اهتماما للسلوك الإستبدادى للنظام السورى و ظلت تردد محاسن السياسة الخارجية السورية و مواقفها المشرفة تجاه القضايا العربية ، رغم أن النظام السورى له من المساوئ ما قد يفوق حسناته فى السياسة الخارجية ، فقد عانى المواطن السورى من أعراض و توابع الاستبداد السياسى و نهج الدولة البوليسى الذى تمددت من خلاله الأجهزة الأمنية و تشعبت سلطاتها حتى وصلت لأدق تفاصيل حياة المواطن السورى العادى ، و حرم السوريون من حرية التعبير بشتى الوسائل و تعامل النظام بقسوة غير مبررة مع المثقفين السوريين المعارضين ...






و بما أن تفشى الفساد يتبع دائما ترسخ الإستبداد فى السلطة فقد ظهر ذلك جليا على الشخصيات المقربة من النظام الذىين إستغلوا نفوذهم فى تحقيق مكاسب شخصية و انتشر نموذج المثقف المأجور المسير الذى لا يعبر عن الشعب و إنما عن النظام و يركز كل جهوده على الترويج لسياسات النظام و الدفاع عن جرائمه التى يعلم أنها جرائم واضحة للعيان ، و لقد عانينا فى مصر من نفس الداء إلى أن جاءت ثورتنا المباركة لتهدم جدار الخوف ...



و على مدار سنوات طويلة ظل النظام السورى يروج لكونه حامى العروبة و العقبة الكبرى فى وجه المخططات الصهيونية الأمريكية متجاهلا أن جزء مهم من أرضه لازال تحت الاحتلال الإسرائيلى ، وعلى مدار سنوات طويلة لم يطلق الجيش السورى طلقة واحدة فى وجه  إسرائيل و اكتفى النظام بدعم حركات المقاومة أو بما يمكن تسميته " الحرب بالوكالة " ؛ قد يقول البعض أن الأوضاع و الموارد و الإمكانيات و الفرقة العربية قد فرضوا على سوريا سلوك هذا النهج حتى لا تجد سوريا نفسها فى مواجهة مباشرة مع إسرائيل تكون عواقبها وخيمة ، قد يكون ذلك صحيحا لكنه لا ينفى أن تلك الوسائل وحدها لم تحرر الجولان حتى الآن رغم مرور سنوات طويلة جدا ، ثم أنه على مستوى الجبهة الداخلية تم حشد و تعبئة الشعب السورى بحجة المواجهة مع الصهاينة و تم تبرير إنتهاك الحريات الشخصية و تدخل الأجهزة الأمنية فى شؤون المواطن بوضع سوريا الإقليمى و المؤامرات التى تحاك ضدها لكونها على رأس حلف الممانعة ...



لقد نشأ جيل بأكمله على الشعارات العروبية القومية التى لم يعاصروا فترة تألقها و أمجادها و إنما كانت مقترنة لديهم بالإستبداد و الدكتاتورية حتى اعتبرها البعض مبررا للبقاء فى السلطة ، هذا الجيل فى هذه الفترة الزمنية له تطلعات مشروعة فى اتجاه بناء الدولة الحديثة الديمقراطية و كان من الطبيعى اصتدامهم مع هذا النظام و شعاراته التى تنادى بالقومية العربية من جهة و تنهج نهجا دكتاتوريا من جهة أخرى ، و ظل الغضب ينضج تحت السطح على مدار السنوات الماضية حتى هبت رياح التغيير على المنطقة العربية فانفجر بركان الغضب الشعبى فى سوريا الذى يطالب بالحرية و التعددية السياسية و تداول السلطة و عدم الإستئثار بها و فتح آفاق التعبير عن الرأى بشتى الوسائل و الشفافية و حرية المعلومات و الحفاظ على كرامة المواطن السورى و غير ذلك من مبادئ الديمقراطية المتعارف عليها و التى يطالب بها الشباب العربى و ليس السورى فقط ، لكن للأسف كان رد فعل النظام السورى مشابها لنظيره المصرى و التونسى و الليبى من حيث إنتهاج العنف كأسلوب للرد على مطالب الشباب و التخويف من المؤامرات الخارجية و الفتنة الطائفية و تخوين الثوار و الإدعاء بعمالتهم للخارج لتشويه صورتهم ؛ لذلك فقد تقلص الأمل فى أن يأتى التغيير من داخل النظام ؛ فلقد ثبت من رد فعل النظام أنه لا يختلف عن باقى الأنظمة الدكتاتورية التى تعتبر التغيير خطرا وجوديا عليها ...






إن إصرار النظام السورى على هذا النهج يعد خطرا على سوريا ؛ فهذا السلوك سيأجج الغضب الشعبى و سيدفع الشباب للمضى قدما فى طريق الثورة للنهاية المتمثلة فى إسقاط النظام السورى ، و الثورة لابد لها من خسائر فلا تغيير بلا ثمن و هذا الثمن سيدفعه الشعب السورى و على رأسه الشباب الثائر ،،،






كما أن الوضع الإقليمى لسوريا من المحتمل أن يغرى أعداء سوريا بأن يحيكوا المؤامرات التى تهدف لنشر الفوضى على الساحة السياسية و الاقتصادية السورية و هذا سيصعب الأمر على الثوار ، لذلك أتمنى أن يتمكن الشباب السورى الواعى من التفريق بين دعوات الثورة على الظلم لإحداث التغيير الذى هو فى صالح سوريا و بين الدعوات المسمومة للفوضى  المدسوسة عليهم ...



لابد أن يعى الجميع أن تغيير الأوضاع فى سوريا لا يعنى تخليها عن عروبتها و عن مواقفها الداعمة للقضايا العربية ، إن الشباب فى سوريا و فى مصر و سائر الدول العربية يدرك جيدا أهمية التمسك بالهوية العربية و الدفع فى اتجاه الإتحاد و نبذ الفرقة ، لكننا نحلم بمشروع للقومية العربية لا يقترن بالاستبداد و الدكتاتورية و إنما يقترن بالحرية و الديمقراطية ، إننا نريد مشروعا عروبيا يتعلم من أخطاء الحقبة الناصرية ، مشروعا يتماشى مع عصرنا الحالى ، مشروعا تكون فيه العلاقات على المستوى الشعبى هى المحرك لعلاقات الأنظمة ببعضها البعض ...








فى النهاية أؤكد على دعم شباب ثورة 25 يناير فى مصر للشباب السورى الثائر ، و نتمنى لهم أن يحققوا تطلعاتهم و على رأسها الحرية و الكرامة ، إن مصر فى حاجة لسوريا و سوريا فى حاجة لمصر لذا فعلى مصر و سوريا إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية على أساس الشرعية التى يرتضيها الشعب ثم نبدأ فى وضع مشروع القومية العربية الجديدة على أساس ديمقراطى ...





حفظ الله سوريا ... و أعز شعبها الشقيق