الاثنين، 25 أكتوبر 2010

نـحن و هـم والعروبة تحت الأنقاض



هل هم  يكرهونا فعلا ؟؟ و ان كانت الاجابة بنعم ، فلماذا يكرهونا ؟؟؟


تلك الأسئلة تحاصرنى منذ فترة و تزداد علامات الاستفهام كلما تجسد هذا الكره فى حدث ما أو تعليق أو تصريح يعكس ما يكنه لنا بعض العرب من كره و أحقاد .
طبعا ليس كل العرب كذلك و من المؤكد أن بعضهم لا ينظر الى مصر و المصريين بتلك النظرة السلبية لكن هذا لا ينفى أن هناك الكثير من الكره الموجه الى المصريين و هذا أمر يجب الانتباه اليه و محاولة فهم أسبابه ،،، و هذا ما أحاول فعله ...


لقد كانت نظرة العرب الينا فى فترة الستينات و السبعينات مختلفة عن نظرتهم الحالية وذلك بسبب اهتزاز صورة مصر فى أعينهم ، ان هناك العديد من الأسباب التى أدت الى ذلك ، منها السياسى و منها الاجتماعى و منها الاقتصادى ...
لم يعد يرى العرب مصر على أنها الشقيقة الكبرى و قلب العروبة النابض منذ فترة طويلة ، و علينا أن نعترف بتقلص الدور المصرى فى المنطقة نتيجة لحزمة من السياسات التى اتخذها النظام الحاكم فى مصر ...
ان التاريخ يخبرنا بأن مصر كانت الدولة صاحبة النفوذ فى محيطها و هذا ضرورى للحفاظ على الامن القومى المصرى ، و كانت دائما نظرية الأمن القومى منذ عهد الفراعنة تنص على أن أمن مصر يبدأ من بلاد الشام و ينتهى عند منابع النيل و هذا يستلزم أن تكون مصر دولة قوية و قادرة على الحفاظ على مصالحها فى المحيط العربى  .
ان الموقع الجغرافى الاستراتيجى لمصر كان سببا فى أن تكون مطمعا لكل غازى يطمع فى السيطرة على المنطقة ، و كان الخطر يأتى دائما اما من البحر المتوسط فى الشمال أو من الشرق فى أغلب الأحيان لذا كان دائما على الحكومة المصرية أن تؤمن ما بعد حدودها الشرقية بحيث تضمن استقرار الأوضاع الأمنية فى منطقة بلاد الشام ؛ حتى تتحقق نظرية أمنها القومى ، و بالنسبة للجنوب - حيث منابع النيل - كان لزاما على مصر أن تكون لاعبا رئيسيا فى منطقة حوض النيل ؛ كى تضمن تدفق مياه النيل - المصدر الرئيسى للمياه فى مصر - بلا معوقات ، و كل ذلك كان يتطلب أن تكون مصر قوية و قادرة على بناء علاقات استراتيجية مستقرة مع جيرانها .
و فى الغالب كانت توازنات القوى فى المنطقة تسمح لمصر بأن تكون الدولة القائدة  و المؤثرة فى محيطها ، و قد استلزم ذلك فى بعض الأحيان أن تقدم مصر الكثير من التضحيات حتى تتحمل أعباء القيادة .
و على سبيل المثال -لا الحصر- كانت الفترة من أواخر الخمسينات حتى أوائل السبعينات حافلة بالتضحيات التى قدمتها مصر من أجل استقلال و تحرر الدول العربية و الافريقية أيضا ؛ لذا كانت الشعوب العربية ترى مصر على أنها الشقيقة الكبرى و الدرع المنيع للعروبة و الاسلام .
ان روابطنا مع دول المنطقة متجذرة فى التاريخ و الجغرافيا ؛ فهناك روابط الدين و اللغة و الثقافة و الجوار الجغرافى و غيرها ، و كان ذلك يضمن التقارب بين الشعب المصرى و الشعوب العربية .
و مؤخرا تخلت مصر عن دورها الاقليمى بالتدريج حتى صارت أقرب الى الانعزال عما يحدث فى محيطها الاقليمى ، و انسحبت مصر من الصراع العربى الاسرائيلى الذى يمثل القضية الرئيسية فى المنطقة بأكملها ، بل  و زادت على ذلك بأن أقامت العلاقات السياسية و الاقتصادية مع الكيان الصهيونى و أقدمت على لعب دور الوسيط بين الاسرائيلين و العرب و هذا يتعارض مع كوننا متضامنين مع العرب ، فالوسيط يكون على الحياد بين الطرفين المتنازعين .
و كما تخلت الدولة عن أدوارها فى الخارج ، تخلت أيضا عن أدوارها فى الداخل فتحولت لدولة رخوة لا يهتم النظام فيها الا بالبقاء فى السلطة الى الأبد ، و وجد المصرى نفسه وحيدا ؛ لا دولة تقف خلفه لتصون كرامته بل كانت هى مصدر الذل و الهوان ، فبدأ المصرى - لأول مرة فى التاريخ - يهجر وطنه باحثا عن قوته و قوت أبنائه فى بلاد أخرى ، لقد مرت مصر بفترات عصيبة كثيرة و لكن لم يهجر المصريين وطنهم كما حدث و مازال يحدث ، و تسببت الهجرة فى تغيير الكثير من سمات الشخصية المصرية ، بحيث كانت تلك التغيرات سلبية فى معظم الحلات ، و الهجرة كانت فى الغالب لدول عربية و تحديدا الدول النفطية ، و انعكس الحال فبدلا من أن يتأثر بنا العرب أصبحنا نتأثر نحن بهم .
عندما ترك المصرى وطنه كان هدفه جمع المال فى الأساس ؛ لذا كان على استعداد لأن يتنازل عن أى شئ فى سبيل الدرهم و الدينار ، و كانت كرامته من الأشياء التى تساهل فيها و أصبح تحت رحمة نظام الكفيل الأشبه بالاستعباد ، و لم يكتفى بذلك بل انه رأى فى أخاه المصرى "ابن بلده" منافسا و عدوا له فى غربته و كانت النتيجة ما نسمعه من كره و بغض بل و غدر بين المصريين فى الخارج .
و كما أن الدولة لم تحفظ كرامة المصريين فى الداخل فهى لم تحفظها فى الخارج ، فأصبح المصرى أرخص الجنسيات حتى أن العامل الفلبينى أو العاملة الفلبينية  وجدا من يدافع عنهما عندما تعرضا للاهانة على عكس العامل المصرى ، و أصبح المواطن  فى بلاد النفط يرى المصرى أدنى منه فى المكانة و أنه بأمواله يستطيع شراء أى شئ حتى البشر ، و اذا جاء أحد الأثرياء العرب الى مصر تجده يفعل ما يحلو له ، فبأمواله يستطيع فعل كل ما يعجز عن فعله فى وطنه ، فالعرب لايأتون الى مصر كى يزوروا الأهرامات و انما لزيارة شارع الأهرامات و ما فيه من ملاهى ليلية .
و فى هذا الجو الملوث طرأت على المجتمع المصرى ظواهر لم تكن موجودة (على الأقل لم تكن منتشرة) فى السابق ، فقد ازداد العنف و تغلغل الفساد فى كل أركان البلاد ، و ضاع الهدف القومى الذى يلتف حوله الجميع فنحن الآن أمة تحيا بلا هدف عام ، لقد استطاع النظام المصرى على مر العقود الثلاثة الماضية أن يحصر المواطن المصرى فى رحلة البحث عن لقمة العيش و فقط ، حتى أن المصرى لم يعد يجد متسعا من الوقت للتفكير فى أى شئ غير لقمة العيش التى أصبحت شغله الشاغل .
و كان منطقيا و الحال هكذا أن تنتشر الأنانية و الانتهازية و تختفى الشهامة و يضعف الانتماء للوطن و تصبح الوطنية أن تشجع المنتخب الوطنى لكرة القدم !!!! ثم كانت الطامة الكبرى عندما فقدنا الهوية و أصبحت الأجيال الحالية لا تعرف الى أى أمة تنتمى ، فهل نحن عرب ننتمى للأمة العربية ؟؟ أم نحن ننتمى للأمة الاسلامية ؟؟ أم نحن مصريون من أحفاد الفراعنة و فقط ؟؟ أم كل ذلك؟؟ و يجدر الاشارة الى أن أزمة الهوية لا تنحصر فى مصر فكل شعوب منطقتنا تعانى من نفس الأزمة .
ان معظم الأجيال الشابة فى منطقتنا العربية تعانى من اهتزاز الهوية ، فهناك دول تعانى من تنامى الهوية الطائفية و العرقية كلبنان و العراق و السودان ، و فى دول المغرب سنجد من يتمسك بالهوية الأمازيغية و البربرية ، و حتى فى دول الجزيرة العربية سنجد أن الانتماء للقبيلة أقوى من الانتماء للأمة لدى البعض و سنجد التغريب الثقافى ينتشر بين الشباب .
الكثير من الأجيال الشابة فى الدول العربية نشأت فى ظل تلك التغيرات التى طرأت على المصريين و العرب ، و لم يعاصروا فترة تصاعد حركة القومية العربية ، و العروبة بالنسبة لهم أقرب للشعارات البالية ، فهم أبناء عصر العولمة و القرن الأمريكى ، لذلك عندما يجدوا من يتحدث عن مصر كالشقيقة الكبرى و الدولة صاحبة الريادة سيكون من العسير عليهم هضم تلك العبارات ، و هم معذورون فى ذلك ، فريادة مصر فى كل المجالات لم تعد من المسلمات ، و هناك بالفعل من تفوق علينا فى بعض المجالات ، كما أن الأوضاع السياسية و العلاقات بين الأنظمة العربية لا تدل نهائيا على أننا أمة عربية واحدة .
ان ما طرأ علينا و على العرب من تغيرات كان السبب وراء نظرة بعض العرب السلبية لمصر ، و بالمثل أدى الى تغير نظرتنا للعرب ، فلقد تشوهت صورة العرب لدى الكثير من المصريين ، فمثلا هناك من يتصور أن الشعب الفلسطينى هو المتسبب فى ضياع القدس فهم من باع الأرض ، و هناك من يؤمن أن العرب لا يستحقوا أى تضحيات تقدمها مصر من أجلهم .
أعتقد أن الأنظمة العربية (بما فيها النظام المصرى) تتحمل الكثير من المسئولية عما نحن فيه الآن من وهن و ضعف و اهتزاز للهوية و غياب للهدف القومى الأسمى ، هذا بالاضافة الى حالة أشبه بالعداوة و البغضاء بين الشعوب العربية .
علينا نحن "الشعوب العربية" أن نعيد ترتيب انتماءاتنا القومية و أن نتخلص من تلك الأنظمة العميلة التى جلبت علينا الخذى و العار ، فليس من الممكن لأى دولة عربية أن تنهض بمفردها ، لذا فلن تقوم لنا قائمة الا اذا تضامنا سوية و أنشأنا اطارا عربيا نتعاون داخله لرفعة أوطاننا و أمتنا الواحدة ...


العروبــــة تحـــت الأنقـــــاض

الأحد، 10 أكتوبر 2010

لا دستور بلا ابراهيم عيسى




حتى الآن لا أتخيل جريدة الدستوربدون ابراهيم عيسى !!!


ان ماحدث يعد استيلاء على جريدة مستقلة تعدت كل الخطوط الحمراء و كانت  رائدة فى مجال الصحافة المستقلة ، و المشكلة ليست فى اقصاء ابراهيم عيسى من منصب رئيس التحرير و انما فى تغيير السياسة التحريرية بالكامل ....
لقد أسس ابراهيم عيسى الدستور و وضع السياسة التحريرية لها فكانت صوت حى للشعب المصرى المطحون ، و بكل بساطة يأتى رجل أعمال و يشترى الجريدة و ينحى رئيس تحريرها و صانع السياسة التحريرية لها و يضع قواعد جديدة للعمل !!!
من الواضح أن الفترة القادمة حساسة جدا و قد صدرت الأوامر لاخراس الأصوات المعارضة حتى يمر عام الانتخابات الرئاسية المرتقبة ...


و قد صرح ابراهيم عيسى أن السبب فى الخلاف مع مالك الدستور الجديد هو عزمه نشر مقال للدكتور البرادعى و ذلك فى يوم 6 أكتوبر و من الواضح أن المقال لم يعجب الملاك الجدد .....




أعتقد أن سيطرة رأس المال على السياسة التحريرية لأى وسيلة اعلام يحولها الى وسيلة اعلان   

الاثنين، 4 أكتوبر 2010

ما بعد مبارك




في صحيفة "الاندبندنت" نطالع تحقيقا موسعا كتبه روبرت فيسك بعنوان "المصريون يعدون أنفسهم للحياة ما بعد مبارك".
يستهل فيسك تحقيقه الذي أفردت له الصحيفة صفحتين كاملتين بالصور بنكتة مصرية تعكس الأجواء السائدة في المجتمع المصري والتي توحي بترقب المصريين لموت الرئيس حسني مبارك الذي تجاوز الثمانين.
تقول النكتة إن مبارك الذي يحب رياضة الاسكواش سأل شيخ الأزهر ان كانت هناك ملاعب اسكواش في الجنة فقال له إنه سيحاول أن يأتيه بالجواب من خلال الاتصال بالله.
بعد أيام جاء شيخ الأزهر بجواب مفاده أن لديه خبرين، واحد جيد والآخر سيء، الخبر الجيد مفاده أنه يوجد في الجنة ملاعب اسكواش، أما الخبر السيئ فهو أن الرئيس لديه مباراة هناك بعد أسبوعين.
ويرى فيسك أن المصريين ينتظرون ساعة رحيل مبارك لا كرها به ولكن حبا في التغيير.
ولماذا يريد المصريون التغيير؟ يسوق فيسك عدة أسباب منها القمع البوليسي وغياب الديمقراطية والفساد.
كذلك يشير فيسك في مقاله الى العزل التام بين الفقراء الذين يقيمون في أحياء الفقر من جهة والأثرياء الذين يقيمون في منازل مرفهة ومسيجة ومعزولة تمما عن محيطها من جهة أخرى.
وشبه الكاتب الوضع في مصر حاليا بالوضع في العراق قبل الغزو عام 2003 حيث كانت القوى الكبرى تأمل في أن تجعل عقوبات الأمم المتحدة الشعب العراقي يثور على الرئيس العراقي صدام حسين وهو ما لم يحدث.
ويوضح فيسك أن الفقراء في أحياء مثل بولاق الدكرور مشغولون أولا بحماية عائلاتهم من الفقر بدلا من الإقدام بأي عمل ضد الرجل الذي يتركهم يعيشون في هذا البؤس.
ويقول فيسك إنه رغم ذلك و مثلما كانت حكومات العصر الفيكتوري في انجلترا تخشى ثورة الأحياء الفقيرة في لندن ومانشستر وليفربول فإن أجهزة الأمن المصرية تخشى أن تتحول أحياء الفقراء إلى بؤر لمعارضة النظام والثورة، لذلك فأن الأجهزة الأمنية تخصها بتواجد مكثف وعناية خاصة.
ويستعرض فيسك في مقاله الشخصيات المرشحة لخلافة مبارك ويناقش حظوظ كل منها.
يري فيسك إن جمال مبارك(47 عاما) نجل الرئيس، وإن لم يكن قد أفصح عن اهتمامه بخلافة والده، إلا أن محاولات دفعه إلى الواجهة ملفتة للانتباه حيث بدأت صوره تظهر على الجدران في بعض الأحياء.
أما مدير المخابرات عمر سليمان فبالرغم من نفوذه إلا أن صحته المعتلة ربما كانت عائقا.
وبالنسبة للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية فيرى الكاتب أنه محبوب في أوساط النخبة والطبقة الوسطى وهو يقود حملة من أجل تغيير الدستور وقد جمع 750 ألف توقيع لهذا الهدف، فقد قال انه يمكن أن يترشح للرئاسة في حال كانت الانتخابات نزيهة .
و ان كانت هذه هى رؤية روبرت فيسك فان التاريخ المصرى يؤكد أن المصريين لا يثوروا على الحاكم بسهولة بل انهم فى الغالب يصبرون على الحاكم اتقاءا للفتنة و لكن هذا لا يعنى أنهم لا يثوروا نهائيا بل على العكس يسجل التاريخ المصرى العديد من الثورات التى قام بها الشعب ، و كان الانفجار يأتى دائما فى الوقت الذى يعتقد فيه الجميع أن الأمور مستقرة تماما ، ولذ فالهدوء السطحى لا ينفى وجود الغليان و الاحتقان فى العمق ...
و على الجميع أن يعلموا أن الشعب المصرى لا يموت ....