الأحد، 6 مارس 2011

حكاية سقوط آخر حصون أمن الدولة






 هذه هى ملاحظاتى الشخصية عما حدث يوم السبت الموافق 5 مارس عندما سيطر الشعب و الجيش على مبنى مباحث أمن الدولة الرئيسى بالسادس من أكتوبر ...

تبدأ القصة الساعة التاسعة صباحا عندما لاحظ المارة من أمام مبنى أمن الدولة المتواجد على طريق المحور بجوار كوبرى الطريق الصحراوى أن هناك تصاعد لبعض الأدخنة الكثيفة من داخل أسوار المبنى فاقترب البعض من الأسوار الخلفية و استطاع أحد الشباب تسلق السور و تصوير ما كان يحدث فى الداخل و قد ساعده فى ذلك غياب الحراسة الخارجية حيث كان العساكر منشغلين بالكامل فى تفريغ الكراتين و احراق محتوياتها ، و اتضح أن عناصر أمن الدولة تقوم بحرق الأرشيف السرى الذى يحتوى على ملفات و وثائق سرية تسجل كل نشاطات أمن الدولة و التى قد يكون بينها ما يدين بعض العاملين بالجهاز فى حالة سقوطها فى يد القضاء أو الجيش أو الثوار ، و بسرعة قام الأهالى و النشطاء بالتجمع أمام المبنى و اتصلوا بكل معارفهم و وسائل الاعلام و قاموا بابلاغ الشرطة العسكرية ، و ظلت الأعداد فى ازدياد حتى أصبحوا بالآلاف ، و بعد قليل حضرت الشرطة العسكرية و بعض ضباط الجيش و بدأ المتظاهرون بشرح الموقف لهم ، وفى تلك الأثناء قام بعض العساكر المتواجدين فى داخل المبنى بمحاولة الهرب بعد أن خلعوا زيهم العسكرى و قاموا بتسلق الأسوار و القفز الى الخارج و تسليم أنفسهم للجيش و قد قدموا اعترافات كاملة عما يحدث فى الداخل فى رواية تطابق رواية المتظاهرين و الأهالى ، و فى هذا الوقت حضر أحد قيادات الشرطة العسكرية حيث قرر الدخول الى المبنى و قد سبقه فى ذلك بعض النشطاء فى محاولة منهم لاخماد الحريق و انقاذ الأرشيف و ذلك بعد أن منع عناصر أمن الدولة سيارات الاطفاء التى استدعاها الجيش و الأهالى ، و بالفعل دخلت قوات الشرطة العسكرية يصاحبها بعض المتظاهرين إلى الداخل و قام الجيش بإخلاء عناصر أمن الدولة واستلم المبنى بالكامل ، كان ذلك فى تمام الساعة الرابعة إلى الساعة السادسة مساءا ، و كنت أنا فى هذا الوقت فى طريقى إلى منزلى بأكتوبر حيث مررت على مبنى أمن الدولة و شاهدت التجمع حوله ؛ و بمجرد وصولى بدأت أجمع خيوط الحكاية من الأهالى و النشطاء المتجمهرين حول المبنى ، و فى هذا الوقت وصل أحد قيادات الجيش مبعوث من القيادة العامة للقوات المسلحة و قام بالتحفظ على بعض الوثائق الهامة و تحدث للشباب و طالب الجميع بترك المبنى فى عهدة الجيش حتى يتم تسليمه للنائب العام فى صباح اليوم التالى لكن الشباب أصروا على البقاء بجوار المبنى حتى الصباح ، و فى تمام الساعة الحادية عشر تقريبا قرر البعض دخول المبنى لتصوير بعض محتوياته فمن حق الشعب أن يعرف الحقيقة كاملة ؛ كما قالوا ، و كان موقف الجيش واضحا من البداية فهو لا يمنع و لا يؤيد ، و لكننى أكاد أجزم أن عناصر الجيش كانت تؤيد ذلك فى داخلهم فقد كانت عيونهم تفضح سعادتهم و رضاهم التام عما يحدث ، و للعلم فإن المبنى ضخم للغاية و هو على الطراز الفرعونى ، و أثناء ذلك ارتفعت أصوات بعض الشباب ؛ فقد عثروا على دولاب ملئ ببدل الرقص و الملابس الداخلية الحريمى و قد خرجوا بها ليراها الجميع ، و تساءل الناس عن سبب وجود تلك الأشياء فى مكاتب أمن الدولة !!!
و استمر الحال على ذلك حتى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل عندها قرر أحد قيادات الشرطة العسكرية إخلاء المبنى بالكامل ، و بالفعل استجاب الشباب لطلب الجيش فلم يعد هناك ضرورة لتواجدهم بالداخل ، و عند مغادرتى للمكان قابلت رجلا عجوزا ملتحى وجدته يبكى بحرقة و يضحك فى نفس الوقت بشكل هستيرى !!! و بعد حديثى معه تبين لى أنه أحد ضحايا التعذيب على يد أمن الدولة  و قد هاله أن يرى بعينيه تلك النهاية الدراماتيكية لهذا الجهاز اللعين ...
بعد عودتى ظللت أعانى من الصدمة و الذهول من كل ما رأيت !!! فما يحدث فى مصر هو أقرب لرواية خيالية لم يكن يتخيلها انسان !!!

هذه هى حكاية آخر حصون جهاز أمن الدولة "البائد" والذى يعد وصمة عار على جبين النظام السابق ...     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق