السبت، 22 مايو 2010

ما فيش حشيش

الأرقام لا تكذب فقد رصد تقرير صادر عن لجنة الصحة بمجلس الشعب أن 7 ملايين مصري يتعاطون المواد المخدرة وأن ما ينفقه المصريون سنوياً علي شراء المخدرات تجاوز 22.8 مليار جنيه سنوياً، وهو ما يعادل 2.5% من عائد الدخل القومي كان لابد من عمل وقفة والتأمل في هذا التقرير المخيف.



يشير هذا التقرير إلي أن نسبة المدمنين في مصر أكثر من 9%، بالإضافة إلي صغر عمر المتعاطين الذي انخفض من 24 سنة إلي 12 سنة، موضحاً أن نسبة تعاطي المخدرات بين طلاب المدارس وصلت 36% لطلاب المرحلة الثانوية و34% لطلاب المرحلة الإعدادية. الغريب في الأمر أن المجلس القومي للطفولة والأمومة، أكد أيضاً أن مصر تكبدت علي مدي السنوات العشر الماضية حوالي 178 مليار جنيه كتكاليف لعلاج المدمنين وعمل وسائل لمكافحة المخدرات، كما أن مصر تحتل المركز الأول بين باقي الدول العربية من حيث تعاطي المخدرات والقضايا الخاصة بهذا الشأن، والتي وصلت إلي 54% من مجموع القضايا. فيما تؤكد دراسة علمية أخري أن الدخل القومي لمصر يقدر بنحو 731.2 مليار جنيه للعام المالي 2006/2007 وأن ما يتم إنفاقه علي المخدرات يمثل بالنسبة لعائد الدخل القومي نحو 79.5% من دخل قناة السويس أو32.8% من عائدات الصادرات المصرية أو41.3% من عائد السياحة أو109% من عائد الاستثمار و46.9% من تحويلات المصريين بالخارج أو32.7% من عائدات البترول. كما أن حجم المضبوطات من الزراعات المخدرة قدرت بنحو 272 فداناً مزروعة بالقنب وهو ما يتم استخلاص مادة الحشيش المخدرة منه، والذي يقدر إنتاجها بنحو 2.2 ملايين كيلو جرام و233 فداناً مزروعة بالحشيش والتي يقدر بنحو 7 ملايين كيلو جرام.


ومع كل هذه الأرقام والتي تم نشرها منذ فترات قريبة إلا أن نسبة المتعاطين في مصر تتضاعف سنوياً عن العام الذي يليه وهو ما يدعو إلي التساؤل حول: هل يتحول شعب مصر إلي شعب حشاش؟!


وقد كشف اختفاء الحشيش في معظم محافظات مصر خلال الشهور الماضية، عن أن معظم المتعاطين للمواد المخدرة في مصر من المتعاطين لمادة الحشيش وأنهم يفضلونه عن باقي الأنواع المخدرة ليصبح الحشيش «متربعًا علي عرش الكيف في مصر» متجاوزاً مخدر البانجو الذي كان محتل هذا العرش لفترة معينة قبل ظهور الحشيش في مصر.


كما أدي اختفاء الحشيش في مصر إلي تضاعف أسعار الحشيش والبانجو إلي أضعاف سعرهما الحقيقي نتيجة اختفائه والذي أدي إلي ترويج نوعيات أخري من المخدرات المغشوشة بكميات كبيرة التي تصيب المتعاطين بالأمراض الخطيرة.


وهناك عدة مبررات علي انتشار الحشيش التي أوضحتها التقارير الصادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية خلال عام 2008، حيث أكدت التقارير أن السبب الأول هو تزايد إقبال طلاب الجامعات علي المواد المخدرة هو أوقات الفراغ الذي يعيشون فيه وارتفاع مصروفاتهم كما أن كثيرًا منهم مقتنع بأن الحشيش يؤدي إلي الإبداع والتركيز في الدراسة علي الرغم من شدة خطورته علي الذاكرة. وعن رأي الخبراء الأمنيين في اختفاء الحشيش من أسواق تجارة المخدرات يقول الخبير الأمني العميد محمود قطري إن اختفاء الحشيش في مصر بسبب الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في مصر، بالرغم من أن الحملات التي قامت بها الداخلية في ضبط عشرات الأطنان من الحشيش خلال الفترة الماضية جاء متأخراً.


وتساءل قطري: عن اختفاء الحشيش في الوقت الذي انتشر فيه توزيع باقي أنواع المخدرات مثل البانجو والأقراص المخدرة فلماذا لم تقم الجهات المختصة والإدارة بضبط كل الأنواع المخدرة التي من شأنها تدمير الشباب؟ وقال قطري إن مصر تعدت كونها دولة مستهلكة ولكنها أصبحت دولة محطة للمخدرات عبر حدودها وسواحلها، فهناك عدة طرق لتهريب المواد المخدرة إلي مصر من بعض الدول التي تشتهر بزراعة المخدرات مثل باكستان وأفغانستان ولبنان والمغرب وتركيا.


وعن المهربين فهم يستخدمون السواحل مثل الإسكندرية والإسماعيلية وسيناء في نقل المخدرات إلي مصر أو عبر المنافذ البرية أو الجمركية مثل معبر رفح والسلوم والحدود المصرية مع السودان.


وأشار إلي أن الخطورة ليست في ضبط الحشيش المهرب إلي مصر من الدول الأخري، لكن المشكلة الأكبر أن مصر أصبحت تنتج المواد المخدرة عن طريق الزراعة سواء في سيناء أو غيرها من المحافظات.


ويضيف أن عزت حنفي كان من أكبر المزارعين للمواد المخدرة في أسيوط ونوفل في محافظة قنا وهو الأمر الذي يهدد برجوع المواد المخدرة إلي مصر مرة أخري.


وطالب قطري الإدارة العامة السير قدماً تجاه ضبط كبار تجار المخدرات في مصر وباقي الأنواع المخدرة.


أما عن رأي علم الاجتماع الجنائي فتقول الدكتورة فايدة أبوشهبة، أستاذ علم البحوث الاجتماعية والجنائية بالمركز القومي للبحوث، إن معظم المتعاطين يبحثون عن البدائل الأخري بعد اختفاء الحشيش في مصر وهو ما أدي إلي ارتفاع أسعار باقي المواد المخدرة وعلي رأسها مخدر نبات البانجو الذي كان يحتل المركز الأول في مصر قبل انتشار الحشيش.


وتشير إلي أن انتشار المخدرات في مصر له عدة عوامل اجتماعية ونفسية واقتصادية كثيرة ولا يمكن القضاء علي المخدرات عن طريق تشديد العقوبات علي التجار والمتعاطين فقط فعلي الرغم من تشديد العقوبات إلا أن انتشار المخدرات لم يقل.


وتضيف أنه لابد من معالجة تلك العوامل الاجتماعية والنفسية قبل كل شيء حتي يتسني منع المخدرات في مصر.


فالمتعاطون يندفعون نحو تعاطي المواد المخدرة بسبب ضغوط الحياة اليومية أو أصدقاء السوء أو الشعور بالبطالة أو الفشل في تحقيق الذات أو عدم القدرة علي الزواج، لذلك يجب توفير كل الأدوات اللازمة للقضاء علي هذه العوامل حتي لا يعود الشباب إلي تناول المخدرات.


وأشارت أبوشهبة في حديثها إلي إنها قامت بإجراء عدة دراسات بالمركز القومي للبحوث حول الأسباب التي تدفع الشباب لتعاطي المخدرات، حيث وجدت أن من أهم تلك الأسباب التفكك الأسري والطلاق الذي يؤدي إلي بعد الآباء عن الأبناء وضياعهم عن طريق مرافقة أصدقاء السوء، كما أن من هذه الأسباب سفر الآباء إلي الخارج للعمل وترك الأبناء وحدهم وعدم وجود أي رقابة مما يعرضهم إلي تعاطي المواد المخدرة.


واختتمت أبوشهبة حديثها بأنها تتمني أن تواصل إدارة المخدرات جهودها لتطهير مصر من هذه السموم.


_______________________________




نقلا عن جريدة الدستور





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق